نهاية حركة النهضة من خلال قراءة سياسية في إنتخابات عميد المحامين


من يعرف تاريخ المحاماة ومن واكب انتخاباتها التي تجرى كل ثلاث سنوات يتأكد أن انتخابات انتخابات الهيئة الوطنية للمحامين هذه المرة لم تكن كسابقاتها بتاتا. فلقد كان الاسلاميون داخل المهنة رقما صعبا وحاسما أو على الأقل مؤثرا في نتيجة كل الانتخابات السابقة، نفوذهم لم يكن فقط عدديا بل بالأخص من حيث قوة التنظيم وشدة الالتزام بالتعليمات التي كانت تسديها القيادة لمنظوريها.

كانت القيادة يترأسها بالأخص وعلى مدى ثلاث عشريات او اكثر السيد نور الدين البحيري والملقب عند المحامين بـ"معاوية"، نظرا لذكائه و دهائه وقدرته الفائقة على المناورة وعلى عقد الصفقات ليلا في الحجر المظلمة مع باقي التيارات السياسية داخل المحاماة، بمن فيها التجمع نفسه زمن بن علي لإيصال هذا المرشح أو الإطاحة بذاك من منصب العمادة.
 
وجل المحامين كانوا ينتظرون حضورا كثيفا للإسلاميين بالجلسة العامة المنعقدة يوم السبت 10 سبتمبر بإعتبارها فرصتهم التي لن تتكرر لمحاكمة العميد السابق ابراهيم بودربالة ولتصفية الحساب معه، ولإهانته علنا أمام جموع المحامين نتيجة قربه من خصمه السياسي اللدود قيس سعيد، ونتيجة غلقه للمنفذ الوحيد المتبقى لهم للعودة الى الحياة السياسية وهو مهنة المحاماة.
فحضورهم بهته الجلسة كان محتشما جدا بل أن رموزهم كانت متغيبة تماما أما مداخلات بعضهم فكانت هزيلة من حيث المحتوى والمضمون، وتكاد تنحصر في عبارات سب وقذف بدون محتوى ولم تلقى اي تفاعل إيجابي مع عموم الحاضرين.

في هته الجلسة وخلافا لتوقعات الجميع خرج ابراهيم بودربالة منتصرا بل ومحل اعجاب من جل المحامين، خصوصا بعد ان تاكدوا أنه كان حريصا جدا على اموالهم وأموال صندوق تقاعدهم حتى ان التقريرين الادبي والمالي تم التصويت عليهما بشبه إجماع الحاضرين.
 
أما يوم الانتخابات وهو الأحد 11 سبتمبر فقد كان حضور الاسلاميين أشد ضعفا من حيث العدد ومن حيث توحيد اصواتهم و التزامهم بتعليمات قادتهم، تغيب العديد منهم و نزع آخرون جبة الإسلاميين عنهم وتنكروا لأصولهم ولتاريخهم.
 
كان أخطر شيء لحق بتنظيمهم هو تشتت اصواتهم بين جل المرشحين وأنحلال ما يسمونه بـ"باكو المسكر" أي بمجموع أصواتهم التي كانت موحدة إلى درجة عدم قدرة المرشح الذي كانت رموزهم تعلن مساندته على المرور للدور الثاني.
أما العميد الجديد الذي انتخبه المحامون، وهو الاستاذ حاتم المزيو، فهو الاقرب الى العميد السابق ابراهيم بودربالة وهذا الاخير محمول لديهم على مساندته لقيس سعيد.
 
وهذه الإنتخابات دليل قاطع على كون النهضة ومن ورائها، ذيلها المسمى ائتلاف الكرامة، بصدد لفض انفاسها الأخيرة داخل آخر معقل لها بعد أن لفضتها شعبيا وفي الشارع.
 

تعليق جديد

فتحي جموسي




مقالات أخرى للكاتب

فتحي جموسي