يجب التحالف مع كل من يؤمن بضرورة التصدي للشعبوية والرجعيات الاخوانية والدستورية


نستهل حديثنا بملاحظات موجزة جدا حول العمل المشترك الراهن بين حزب العمال والاحزاب المنظوية في" الحملة الوطنية لاسقاط الاستفتاء"، فالتحالفات ضرورة موضوعية يمليها تطور الاوضاع السياسية والحالة الموضوعية لموازين القوى وليست  مسألة ارادة. لهذا يجب أن نقرأ جيدا الواقع السياسي، أن نحدد العدو الرئيسي والاعداء الثانويبن بدقة بناء على مواقف كل طرف من الفاعلين السياسيين، وأن نحدد المهمام المطروحة ومع من سنعمل لانجازها.

فاليوم البلاد يتهددها خطر زاحف، يتمثل في الشعبوية الاستبدادية وخطر تركيز دكتاتورية جديدة، فقد استغل قيس سعيد 25 جويلية وغضب التونسيين من منظومة النهضة لا لتجاوز حكمها الفاشل الفاسد، بل لتركيز مشروعه الخاص الاستبدادي الشعبوي. وهو الان يسعى لتمريره عبر تزوير ارادة التونسيين وعبر اليات لا تتعدى كونها مجرد غطاء لتحقيق ماربه ، اما الخطر الثاني فهو عودة منظومة النهضة او ما يسمى بمنظومة ما قبل 25 او منظومة التجمع ممثلا في حزب عبير موسي.

ما العمل اذن؟

ستكون المهمة المباشرة والملحة التصدي للاستبداد الشعبوي الزاحف وسد الباب اما عودة الاسلام السياسي والدساترة للحكم ولكن المشكلة هي أنّ حزبنا غير قادر بمفرده على هذه المهمات، نفس الشيء ينطبق على الاحزاب التي تتبنى نفس التحليل والتقييم للواقع السياسي اليوم.  اذن؛ لا محيد ولا مفر من العمل المشترك والتحالف للقيام بالمهمات المطروحة .

مع من نتحالف؟ مع كل من يؤمن بضرورة التصدي للشعبوية وبشكل مستقل عن الرجعيات الاخوانية والدستورية...طيب، سيقولون ان بعضهم شارك في حكومات سابقة. المهم، هو موقف هذه الاطراف اليوم وتحليها للواقع السياسي في اللخظة الراهنة.

فالتحالفات تبنى على ضوء معطيات اليوم والسياق الحالي وليس على ضوء مواقف الماضي، لينين مثلا تحالف مع اطراف كان سابقا نقدها فلما طورت مواقفها مد يده لها، ستالين ابرم حلفا مع القوى الراسمالية لمواجهة الفاشية اي انه ابرم حلفا مع اعداء التاريخ والاشتراكية لان الواقع الموضوعي يتطلب مثل ذلك التحالف ولم يؤثر ذلك على تواصل الصراع مع هذه القوى لاحقا.  فقط يستثنى من ذلك كل من تحمل مسؤولية رئيسية في تدهور الاوضاع السابقة ،إذ يجب دفع وعي الشباب الى الامام، ويجب عدم تبييض الذين أجرموا في حق الشعب والوطن باي شكل من الأشكال .

ويضم هذا العمل المشترك حاليا خمسة أحزاب وهي: حزب العمال، التيار الديمقراطي، حزب القطب، حزب التكتل الديمقراطي والخزب الجمهور ي ومن المنتظر ان تنضم اليه قوى سياسية وشخصيات اعتبارية تتقاسم مع هذه الأحزاب نفس الرؤية والأهداف المباشرة.

من هي المنظومة؟

ان هدف المنظومة هو الابقاء على الصراع منحصرا بين اطراف اليمين والعمل بوسائلها وادواتها المختلفة على تشتت صف القوى المعنية بالتغيير حقا. فلا يزعج المنظومة كثيرا ان يكون هناك تحليل ثوري وبداىل ثورية طالما ان القوة الحاملة لذلك البديل منعزلة وغير متوازنة جماهيريا بالشكل المطلوب لاحداث التغيير اما ما يربكها ويخيفها فعلا فهو نجاح هذه القوة السياسية الثورية والطلاىعية في حبك ونسج التحالفات التي من شانها تغيير موازين القوى وانجاز مكاسب ملموسة حقيقية.

في هذه الحالة الاخيرة، ستشتغل ماكينة الدعاية التابعة  للنظام على قدر خوفها وهلعها على مصالحها وستوظف "يسارييها" المحسوبين زيفا على اليسار للقيام باشنع المهمات.

إن السياسة هي علم موازين القوى وهي تقوم على ثنائية ثبات المبادئ وصرامتها من جهة وتغير التكتيكات ومرونتها ... والتكتيكات يجب ان يكون المغزى منها المراكمة للمبادى الاستراتيجية. تلك هي التكتيكات الثورية مرنة نعم، ولكنها يجب ان تصب في خدمة الهدف الاستراتيجي. وتعديل ميزان القوى يتطلب التوسيع في دائرة الاصدقاء وتضييق دائرة الخصوم والاعداء وتحييد ما لا يمكن كسبه كصديق.

كل ذلك يتطلب تكوين قطب جديد مستقل عن المعارضات اليمينية ( جبهة الخلاص وجبهة الدساترة) لرسم طريق اخر لتونس طريق يستهدف تصحيح المسار الثوري بحق من خلال مشروع يستوعب مختلف أبعاد عملية التغيبر: الديمقراطية الحقة والسيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية. ولا يجب التخلي عن المبادئ ... لا يجب السقوط في الارادوية والعاطفة والطهارة الساذجة في السياسة. كما لا يجب السقوط في اليمينية والاصلاحية ( التحريفية )، ولا يجب السقوط في فخ الثورجية الطفولية اليسارية التي تعيش على الشعارات والنقاوة الثورجية ( الانعزال). فالمطلوب هو ايجاد نقطة التوازن بين هذين الحدين، المطلوب هو دفع حركة التاريخ الى الامام وقيادة عملية التغيير والمراكمة لذلك.

حين تكون النخب ضدّ مشروع قيس سعيد وضد المعارضة

فأنا أرى أن عددا كبيرا من الشرائح والنخب ضد مشروع قيس سعيد، ولكنها لا تريد الانخراط في المعارضات الموجودة لانها تعتبرها معارضات هدفها ومحركها ليس مصلحة البلاد، بل الصراع من اجل السلطة. وهذه الشرائح المترددة والمستعدة للنضال تبحث عن عنوان سياسي جبهوي أشمل من الاحزاب للانخراط في عملية التغيير. لهذا يجب توفر الاطار السياسي لاخراج هذه الشرائح من السلبية الى الفعل النضالي النشيط لتغيير موازين القوى.

إما عن شكل التحالفات، اذ يجب ان تكون في شكل أعمال ميدانية مشتركة، من خلال تنسيق المواقف عند الظهور الاعلامي وتكثيف الانشطة التي تهدف الى انجاز المهمات المتفق عليها "اسقاط مشروع قيس سعيد الشعبوي الاستبدادي بافشال اهم حلقة منه وهي الاستفتاء"، ومواصلة النقاش لتطوير هذا العمل المشترك في افق اعمق تماشيا مع تطور الاوضاع.

إنّ العمل المشترك لا يتعارض مع العمل الحزبي المستقل لتنشيط الحزب المنضوي في ذلك التحالف وتوسيع تاثيره، بل ان العمل المستقل والعمل المشترك يكملان ذلك، وذلك بتقوية تأثير وانتشار الاحزاب المنضوية فيه، فهذا العمل المشترك يجعل منتسبي الحزب ينظرون الى المهمات المطروحة باكثر ثقة وحماسة، وهو ما يدفع المناضلين للعمل اكثر، ويساهم في تجاوز بعض الاشكالات الداخلية بمعنويات اكبر واستعدادات افضل.

فالعمل المشترك يمثل فرصة حقيقية لتعزيز انتشار الحزب وتعزيز صفوفه بعناصر جديدة من تلك التي التحقت بالعمل تحت يافطة عنوان اكبر، جاذب ومطمئن.
 
 
 

تعليق جديد

محمد الحباسي




محمد الحباسي