لا دساترة ولا خوانجية ولا شعبوية قيس سعيد… الديمقراطية الشعبية هي البديل الحقيقي


بعيدا عن منطق الدغماىيات و القطعيات، الواقع أثبت ويثبت ان حزب العمال كان دائما على حق في السياسة، فحزبنا الذي تاسس عام 1986في الذكرى الثانية لثورة الخبز هو سليل الحركة الشيوعية الجديدة والذي سبقت تكوينه انتاجات نظرية وفكرية في كل القضايا ( تاريخ الحركة الشيوعية في تونس، المجتمع التونسي دراسة اقتصادية واجتماعية، الاتجاه الاسلامي، مساهمة في تاريخ الحركة النقابية ...الخ) كانت مواقفه من جل القضايا وفي كل المنعرجات الحاسمة التي عرفتها بلادنا صائبة وقد أثبت الواقع ذلك.

 
لقد رفضنا المشاركة في الميثاق الوطني سنة 1988 الذي شاركت فيه اغلب مكونات الطيف السياسي وقلنا انه ليس سوى مجرد اطار/ ديكور لتمرير مشروع الدكتاتورية الجديدة. قلنا ان هذا النظام لا يصلح ويجب اسقاطه عبر ثورة شعبية و اقامة ديمقراطية حقيقية، وهو ما صح مع نظام بن علي الذي قاومنا دكتاتوريته السياسية وخياراته الاقتصادية والاجتماعية طيلة 23 عاما وعلى مختلف الواجهات وكان لنا دور كبير في ثورة 2011.


بعد 2011 قلنا للتونسيين "لقد اسقطنا الاستبداد الحداثي و لكن انتبهوا فالبلاد ممكن ان تنعرج نحو الاستبداد الديني."  وناديناهم بإنتخاب مجلس تأسيسي فيه ديمقراطيون وتقدميون حقيقييون لوضع دستور يليق بتونس وبثورتها. فحصل ما حصل و التونسييون الذين اسقطوا بن ولم يكملو اسقاط نظامه، لم يعرفوا البديل الحقيقي، اذ انتخبوا اشخاصا أسوء من بن علي وبدأت مرحلة التخريب والارهاب .

ومن ثمة شَكَّلنا جبهة شعبية ضمت اغلب مكونات اليسار، توجت نضالات وتضحيات اليسار العظيم خلال مسيرة اكثر من قرن، عدلنا ميزان القوى واسقطنا دستور النهضة وفرضنا دستورا ديمقراطيا في العموم، دستور كُتبَ بدم شهداء الجبهة والوطن: شكري بلعيد والابراهمي والعجلاني.
فقد قدم حزب العمال الكثير من التضحيات لبناء الجبهة واستمرارها 7 سنوات وكانت تجربة رائدة حققت عديد المراكمات التاريخية كما اعترتها عدّة هنات ونقائص.
وقلنا للتونسيين يجب انقاذ البلاد وتصحيح فعلي لمسار الثورة وهذا يكون بالنضال ضد النهضة ومن معها وبسد الباب أمام عودة المنظومة القديمة التي كانت وقتها تريد العودة في ثوب المنقذ.

 أما في 2014، نبهنا التونسيين من مواصلة اختيار الاسلام السياسي وفي نفس الوقت حذرناهم من عودة المنظومة القديمة في شكل جديد (النداء) وواجهنا كل الحكومات التوافقية اللي أضرت بالبلاد والعباد ( الصيد/ يوسف الشاهد) ، فالجبهة الشعبية تحملت مسؤوليتها في البرلمان وخارج البرلمان ولكن نتجية الاختلاف بين مكوناتها في التصورات السياسية ، تم حلّها لتترك فراغا كبيرا،  فراغ ملأته الشعبوية.

ونمر الى سنة 2019، عندما قلنا: "لن ننتخب "الفاسد" (نبيل القروي) ولن نذهب في المجهول (قيس سعيد)" وقاطعنا الدور الثاني للانتخابات الرئاسية، وبعد انتخاب البرلمان الجديد قلنا انه فاسد ويجب حلّه شعبيا.

فحزبنا ناضل ضد كل الحكومات اللي تشكلت، مؤكدين أنّ الصراع بين الرئاسة ( قيس سعيد) وباردو ( الغنوشي) هو صراع من اجل السلطة ولما بلغ مستوى معين من الاحتدام قلنا وصلنا لمرحلة كسر العظام وتوجد امكانية انقلاب شق من المنظومة على الاخر .
 وعلاوة عن هذا، أكدنا أن أطراف المنظومة ( رئاسة وبرلمانا وحكومات) مسؤولة بتفاوت عن أزمة البلاد ، فبالنسبة لنا ، الحل الحقيقي يكون بطور جديد من الثورة و من خارج المنظومة بكل مكوناتها.

يوم 25 جويلية 2021 ، اكدنا ان ما حصل انقلاب وان مواجهة منظومة حركة النهضة ومن حكم معها التي خربت البلاد وجوعت الشعب لا يكون بانقلاب، فلا يمكن مقاومة الاستبداد باستبداد جديد، وقلنا أن الحل هو في هبة شعبية جديدة، منظمة، ترحل بالمنظومة ككل، بحركة النهضة وقيس سعيد ومعهم المنظومة القديمة، وتضع اسس حكم جديد ديمقراطي.
فموقفنا هو: لا للرجوع الى ما قبل 25 جويلية ولا الى ما قبل 14 جانفي، ورددنا في كل أنشطتنا وتحركاتنا شعارا واضحا : "لاشعبوية ولا دساترة ولاخوانجية الحل في الديمقراطية الشعبية".
فالمعيار والمرجع الحقيقي هو الخيارات الاقتصادية والاحتماعية و هذه القوى لاتختلف جوهريا عن بعضها.

 وقد رأينا كل الناس صفقت ل25 جويلية، إذ دخلت البلاد في "تخميرة"، واليوم بعد حله أغلب الهيئات والهياكل الوسيطة وجمع كل السلطات في يده، وضع استشارة عبارة عن مسخرة، وطريق حوار نتائجه معلومة وهو ما يؤكد كلامنا ان كل ما يفعله هو مجرد غطاء/ ديكور لتمرير مشروعه الاستبدادي الشعبوي.
في المقابل حكومته تمعن في نفس الخيارات الاقتصادية والاجتماعية القديمة اللي زادت في معاناة وألام التونسيين.
واليوم جزء كبير من الطيف السياسي والشعبي وقف على صحة هذا الموقف.

نحن نعتبر ان الحل هو في قطب ديمقراطي واسع يتشكل لمواجهة الاستبداد الشعبوي الزاحف ولسد الباب امام الرجعيات المتربصة بالبلاد ( الدساترة. الخوانجية) ليمهد لتركيز ديمقراطية حقيقية بمقوماتها الثلاثة: السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية الحقة.
حزب العمال قدم دائما بديلا حقيقيا عن المنظومة .

فلطالما كانت خيارات المنظومة  الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في خدمة الأقلية الفاسدة المرتبطة بالخارج، ففي تونس تواصلت هذه الخيارات منذ الاستقلال السياسي وحتى بعد الثورة فان ما تغير هو الواجهة والحكام، اما نظام الحكم فاستمر، هو نفسه،  نظام في خدمة الاقلية ومضر بمصالح اغلبية الشعب التونسي وهو نظام تبعي وتفريطي ينتهك السيادة الوطنية ويخدم مصالح القوى الراسمالية الكبرى.

فالمطلوب هو تغيير جوهر الخيارات الاقتصادية والاجتماعية وليس فقط الحكومات او نظام الحكم ، فحل مشاكل تونس لا يرتبط بطبيعة النظام السياسي ( برلماني او رئاسي او مختلط) بل بطبيعة الخيارات الاقتصادية والاجتماعية. هل هي خيارات وطنية وفي خدمة الشعب أم خيارات لا وطنية وفي خدمة الاقلية المتنفذة؟ هذا هو السؤال الحقيقي.


بالنسبة لنا أهم ما يطرحه حزب العمال هو:
- تأميم الثروات الوطنية والقطاعات الاستراتيجية
- مراجعة الاتفاقيات المهينة والمضرة بالسيادة الوطنية.
- تعليق دفع الديون لمدة واجراء تدقيق حول المديونية والغاء الديون الكريهة.
- اصلاح زراعي لتطوير الفلاحة ، تحقيق الاكتفاء الذاتي والسيادة الغذائية.
- عدالة جبائية حقيقية ( ضريبة تصاعدية، ضريبة استثناىية على الثروات الكبرى..)
- تطوير الصناعة عبر الاستثمار في القطاعات المنتجة للقيمة المضافة.
- منوال تتموي جديد يعتمد طريق التنمية المستقلة يضمن للوطن سيادته وللشعب الشغل والعيش الكريم وتوفير المرافق الأساسية من صحة وتعليم وثقافة ونقل وغيرها من الخدمات العمومية.
- ديمقراطية سياسية حقيقية قائمة على حرية الاختيار ومساءلة الحكام وعلى تكريس الحقوق والحريات في كونيتها وشموليتها وضمانها.

لقد ناضل حزب العمال خلال مسيرة اكثر من 36 عاما من اجل مشروع جديد لتونس وليس من أجل الكراسي او المواقع فالديمقراطية الشعبية هي البديل الحقيقي للمنظومة التي غيرت من جلدها عديد المرات ولكنها حافظت على نفس جوهرها الطبقي واللاوطني.

أقولها و أمضي: "لا دساترة، لا خوانجية ولا شعبوية قيس سعيد" … فالديمقراطية الشعبية هي البديل الحقيقي".

 

تعليق جديد

محمد الحباسي




محمد الحباسي