الأمراض النادرة وتحديات الكشف والحصول على العلاج في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا


 

باعتبار أننا نحتفل اليوم باليوم العالمي للأمراض النادرة، يعتبر من الضروري التسليط الضوء عليه حيث أن "المرض النادر"، مصطلح يحمل وراءه العديد من القصص والتحديات التي يواجهها أصحابه.

ويُعرف المرض النادر عمومًا بأنه مرض يصيب عددًا قليلًا جدًا من الأفراد، وعلى الرغم من ندرته، يبلغ عدد هذه الأمراض أكثر من 7000 نوع، وتؤثر على حوالي 400 مليون شخص في العالم، حيث يكون نصفهم من الأطفال.

ويُحتفى بـ "يوم الأمراض النادرة" سنويًا في فبراير لزيادة الوعي بأهمية تلك الأمراض على المستويات المحلية والوطنية والدولية. يعتبر يوم الأمراض النادرة مناسبة لتسليط الضوء على التحديات التي يواجهها أصحاب الأمراض النادرة وأسرهم، وللتأكيد على أهمية البحوث والتعاون الدولي في مجال الأمراض النادرة. وتم الاحتفال به أول مرة في عام 2008، وكانت الفرصة مميزة حيث تزامن مع 29 فبراير، مما يجعله يومًا نادر الحدوث بحد ذاته، وتم تخصيصه للأمراض النادرة. منذ ذلك الحين، اكتسب يوم الأمراض النادرة زخمًا في جميع أنحاء العالم، وأصبح مناسبة للتأكيد على أهمية الأبحاث والتوعية حول هذه القضية.

أسباب انتشار الأمراض النادرة

تؤثر الأمراض النادرة على ملايين الأفراد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتمثل ضغطًا كبيرًا على أنظمة الرعاية الصحية. إذ آن ثلاثة من كل عشرة أطفال مصابين بمرض نادر لا يعيشون حتى بلوغهم سن الخامسة، وفي بعض بلدان هذه المنطقة، تشكل هذه الأمراض السبب الرئيسي للوفيات بين الأطفال

وتعاني منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أعلى معدلات الأمراض النادرة في العالم، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن 80% من هذه الأمراض وراثية. كما أن ارتفاع نسبة زواج الأقارب وتقدم عمر الأم والأب يجعل الطفرات الجينية من هذا النوع أكثر احتمالا. لنأخذ مرض غوشيه (Gaucher disease) كمثال. وهو اضطراب وراثي نادر ينتقل من الآباء إلى الأطفال، يؤدي إلى فقدان إنزيم مهم لتكسير المواد الدهنية في الجسم. وبدون هذا الإنزيم، تتراكم هذه الدهون في أعضاء الجسم وقد تؤدي إلى الوفاة المبكرة. يُعتقد أن معدل انتشار مرض غوشيه  أعلى بكثير في شبه الجزيرة العربية منه في أي مكان آخر في العالم.

إن التداعيات المترتبة على المتضررين وأسرهم كبيرة، حيث إنهم يعانون من عدم فهم حالاتهم، وتستغرق فترة تشخيصهم طويلا، بالإضافة الى عدم كفاية الدعم السريري والمتابعة المتوفرة لهم.

التحديات في الشرق الأوسط وشمال افريقيا

يواجه الأفراد المصابون بأمراض نادرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديات كبيرة في الوصول إلى التشخيص والعلاج. غالبا ما تكون هذه الحالات غير شائعة ولدى المتخصصين في الرعاية الصحية معرفة محدودة حول كيفية التعرف عليها. حيث لا تقوم جميع بلدان المنطقة بإجراء فحص لحديثي الولادة، مما قد يؤدي إلى ضرر لا يمكن إصلاحه بحلول الوقت الذي تظهر فيه الأعراض. 

إضافة إلى ذلك، عادة ما تستغرق رحلة الحصول على تشخيص واضح سنوات، وينتظر واحد من كل أربعة أشخاص أكثر من عقد من الزمن، بسبب عدم إمكانية الوصول إلى الاختبارات الجينومية في المنطقة. علاوة على ذلك، قد يكون التشخيص مكلفًا أيضًا، مما يتطلب إرسال عينات جينية إلى الخارج بسبب نقص المؤسسات الخاصة بالاختبار في المنطقة. وحتى عندما يتم التشخيص أخيرًا، لا تتوفر إدارة ودعم سريري بالشكل الكافي، حيث أن معظم مرافق الرعاية الصحية القياسية غير مجهزة لدعم المرضى الذين يعانون من هذه الحالات. وعلى الرغم من الوعي المتزايد حول الأمراض النادرة، فإن 200 مرض فقط من أصل أكثر من 7000 مرض تحت هذه المظلة يتم علاجها حاليًا

وتحدث الأمراض النادرة في جميع أنحاء العالم عادة بسبب انتشار زواج الأقارب أعلى من المتوسط، فضلاً عن أحجام الأسرة الكبيرة وعمر الأم والأب الأكبر سناً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يعني أيضًا وجود عدد أكبر من الحالات الوراثية التي تنتشر داخل المجتمع والأسر، بما في ذلك الأمراض النادرة. ومع ذلك، فإننا نفتقر إلى بيانات قوية حول عبء الأمراض النادرة في هذه المنطقة. إذ لا توجد سجلات وطنية مع شحة البحوث السكانية، مما يؤدي إلى مضاعفة صعوبة تقدير الانتشار الفعلي أو التوزيع الجغرافي لهذه الحالات في جميع أنحاء المنطقة.

المبادرات الجمعياتية والحكومية

وتوجد بعض المبادرات التي تهدف إلى تحسين الوعي والتشخيص والعلاج للأمراض النادرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما في ذلك مشاريع الجينوم والأبحاث العلمية. ومن الرائع أن نرى مشاريع الجينوم جارية في جميع دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تساعد المشاريع البحثية في فهم العديد من الحالات الوراثية المختلفة بما في ذلك الأمراض النادرة.

وتلعب الحكومات والمنظمات الصحية دورًا حاسمًا في تعزيز بيئة النظام الصحي للأمراض النادرة، من خلال تعزيز الوعي وتحسين البنية التحتية الصحية وتوفير الدعم للمرضى وأسرهم.

في الختام، يجب أن يكون تحسين التشخيص والعلاج للأمراض النادرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أولوية للحكومات والمنظمات الصحية، لضمان تقديم الرعاية الصحية الكاملة والشاملة للأفراد المتضررين وأسرهم.

تعليق جديد

نهى بلعيد




مقالات أخرى للكاتب

نهى بلعيد