التونسيون بالخارج: أنصاف مواطنين مشكك في وطنيتهم


التونسيون بالخارج بعد أن انصفتهم الثورة ودستورها، أرجعهم دستور سيدنا حيث كانوا، أنصاف مواطنين لا يقفون على قدم المساواة مع بقية التوانسة في الحقوق والواجبات ولا يحق لهم شغل الوظائف العليا في الدولة، لأن وطنيتهم مشكك فيها، متهمون بالخيانة لأنهم يحملون جنسية بلد الاقامة، سواء بشكل مكتسب أو بالولادة. عليهم فقط واجب دعم الاقتصاد الوطني والاستثمار في بلدهم الاصلي والبقاء كمصدر اول للعملة الصعبة اكثر من اي قطاع اخر من القطاعات الاقتصادية المعروفة كالسياحة والصناعة والفلاحة.

كانت مادلين اولبرايت وزيرة لخارجية اقوى دولة في العالم وهي حاملة لجنسية بلدها الاصلي تشيكيا، وتترأس اليوم جورجيا الدولة الناهضة في جنوب القوقاز سيدة ولدت في باريس تحمل الجنسية الفرنسية واشتغلت دبلوماسية في الخارجية الفرنسية، ويحمل رئيس وزراء بلغاريا المستقيل قبل ايام الجنسية الكندية. كما تحمل رئيسة البرلمان الهولندي السيدة خديجة عريب الجنسية المغربية، وهناك عشرات الامثلة في العالم لمواطنين مزدوجي الجنسية لكنهم اعتلوا اعلى المناصب في بلدانهم الاصلية او في بلدان الاقامة وكانوا مثالا رائعا للحوكمة والاخلاص وحسن الاداء.
 
فيما سجلت عشرات الخيانات لمسؤولين لا يحملون غير جنسية بلدهم، اذ ليس للخيانة علاقة الية بالجنسية التي غالبا ما تكون مرتبطة بالمواطنة وحقا من الحقوق المترتبة عنها... بل تكون احيانا ضرورة لتطوير الاداء في شتى المجالات. فحتى يكون التوانسة بالخارج اكثر قدرة مثلا على افادة وطنهم الاصلي تونس عليهم ان يحصلوا على جنسية بلدان اقامتهم، فيما يحصل ابناؤهم من الجيل الثاني والثالث والرابع على الجنسية بشكل اصلي وليس مكتسبا.
 
لقد كان الحصول على الجنسية الثانية دون فقدان الجنسية الاصلية نقطة تحول في القانون الدولي الخاص ومكسبا من مكاسب نضال المجتمع المدني الذي طالب بمواطنة عالمية تتجاوز عقلية الحرب الباردة ومصطلحاتها التخوينية والاتهامية والتشكيكية المرتبطة بالانظمة الشمولية والاستبدادية والمخابراتية، وقد تبنت تونس في دستور الجمهورية الثانية زبدة ما ادركته الانسانية من مكتسبات قانونية، ومن مضامين الردة التي كرسها دستور الانقلاب هو التخلي عن هذه المكتسبات، والعودة الى العقلية الامنوية والمخابراتية.