الاسباب الحقيقية للازمة الحالية للخطوط التونسية: أزمة استباق وتسيير وأزمة مسؤولية وضمير


أزمة التونيسار هذه الأيام هي ليست أزمة تعطل اقتناء قطع غيار أو شحها بالسوق العالمية، ولا أزمة تعطيلات في مطارات خارجية كما ادعاه خالد الشلي ر.م.ع الشركة المنكوبة، وانما هي أزمة استباق وتسيير وأزمة مسؤولية وضمير.

فمئات التونسيين علقوا في مطارات اوروبية عديدة، والالاف عاشوا خلال الايام الماضية تأخيرات لساعات طويلة و"تمرميد" ومعاناة دون أي احاطة أو مرافقة أو مجرد اعلام من طرف الشركة.

الاضطرابات بدأت في الاسبوع الرابع من جوان بعد تنفيذ الطيارين ومساعديهم لحركة احتجاجية رفضوا فيها التغييرات على رحلاتهم لمدة 24 ساعة بسبب مطالب متعلقة بالاجور. الادارة العامة للشركة سارعت الى الاستجابة لمطالب الطيارين بمباركة من وزير النقل ربيع المجيدي ورئاسة الحكومة وبالاخص سارة رجب الكاتبة العامة للحكومة والرئيسة المديرة العامة السابقة للتونيسار.
فانطلق اثر ذلك سلك التقنيين في حركة احتجاجية للمطالبة بالزيادة في الاجور، وقاموا طيلة الايام الماضية بتعطيل صيانة الطائرات مما عطل جزء من الاسطول المتدهور بطبعه (عشرة طائرات فقط) عن الطيران.
 
كل اسلاك التونيسار تحتجز المواطنين التونسيين وبعض السياح الاجانب الغافلين رهائن في معركتهم لزيادة أجورهم مع ادارة فاشلة وضعيفة مرتهنة لباندية النقابة وفاقدة للرؤية والكفاءة والاستباق.
 
فالسبب الرئيسي لانهيار الخطوط التونسية ووقوعها في الازمة الراهنة هو عدم الاستعداد للموسم في الوقت المناسب وعدم القيام بما قامت به الشركات العالمية كلها من عمليات اعادة تموقع واستراتيجيات نمو وتطوير تجاري وفني مباشرة بعد الخروج من ازمة الكوفيد.
في الوقت الذي اتجهت فيه شركات العالم لكراء الطيارات وتعزيز خطوطها الرابحة، بقيت ادارة التونيسار تنتظر الى ان تقلص العرض وارتفعت الاسعار. وتوجهت الى حلول ترقيعية من قبيل المسكنات وربح الوقت عملا بالمثل الشعبي "احييني اليوم واقتلني غدوة".
 
وفي الوقت الذي زادت فيه شركات الخطوط الفرنسية رحلاتها الى مختلف المطارات التونسية لكثرة الطلب قلصت فيه الخطوط التونسية رحلاتها وزادت اسعارها.
 
والكارثة أن الادارة العامة التونيسار وعلى رأسها "خالد الشلي"، أو "خالد المزوغي" كما يسميه البعض نظرا لارتهانه إلى كاتب عام نقابة أعوان الأرض نجم الدين المزوغي وزمرته، غير مكترثة بالوضع وتواصل الانشطة الفلكلورية والتصريحات الصحفية التي تستخف بعقول التونسيين وتحاول التفصي من المسؤولية عبر ربطها بالازمة في المطارات الاوربية .. والحال أن الازمة في تلك المطارات ناتجة عن ازدياد كبير في النشاط مع نقص في اليد العاملة (على عكس التونيسار). والمشكل ان المعني بالامر يعيش حالة افلات من المحاسبة لأنه حائز على رضا الطبوبي وداخل في المعادلات الخفية والاتفاقات تحت الطاولة بين البيروقراطية النقابية وقرطاج.
 
 اما وزير النقل فهو لا يكترث الا لظهوره الشخصي ولا تعنيه سوى صوره بالحجم الكبير التي تملأ الصفحة الرسمية للوزارة في إطار تغطيات لانشطة فارغة لا أثر لها على الواقع.
 
 فمنذ سنوات والمرصد يضع على طاولة كل المسؤولين و يفيد الرأي العام بكل المشاكل التي تعاني منها هذه الشركة الوطنية المفلسة نتيجة سوء التصرف و غياب المسؤولية في أخذ القرار رغم تعاقب الحكومات. كما قدم المرصد جملة من الحلول الكفيلة بتجاوز تلك المشاكل. ولكن لا أحد يكترث. وعندما سنجد يوما من يكترث ربما سيكون الوقت متأخرا جدا لانقاذ ما يمكن انقاذه.
 
ولكن رغم هذا سنواصل تقديم الشكايات واتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة من أجل تحميل المسؤوليات. هذا قدرنا وواجبنا.