منظمة أنا يقظ ضد المشاركة في مهزلة استفتاء الدستور


على إثر صدور الأمر الرئاسي عدد 506 لسنة 2022 المؤرّخ في 25 ماي 2022 المتعلّق بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء في مشروع دستور جديد للجمهوريّة التونسيّة يوم الإثنين 25 جويلية 2022، يهمّ منظّمة أنا يقظ أن تجدد دعوتها إلى مقاطعة الاستفتاء بناء على الأسباب الآتي بيانها:

 أوّلا: إنّ نهج هدم المؤسسات وعرقلة إرساءها يسلب المواطنين كلّ ضامن للحقوق والحريّات فالدول لا تبنى على الأوصياء وإنّما هي مؤسسات وسلط تراقب بعضها البعض حتى لا يميل كلّ ذي سلطة إلى التعسّف في استعمالها، ولعلّ السيّد رئيس الجمهوريّة بمساره الّذي يخاله اصلاحيّا كرّس لعرف يسمح لكلّ ذي سلطة أن يلتفّ على العقد الاجتماعي بحسب نزوات الحاكم.

 ثانيا: ندعو السيّد رئيس الجمهوريّة إلى مراجعة الحق، فهي خير من التمادي في الباطل، ونذكّر أنّ دستورا سيساهم في وضعه ممثل العائلات الّتي طالما احتكرت الثروة والسلطة وكانت المستفيد من كلّ مسار اتخذته الدولة لن يغيّر واقع التونسيين في شيء. فنفس الأسباب تؤدّي لا محالة إلى نفس النتائج، ونذكّر أن السيّد سمير ماجول مثال يحتذى به في سوء الحوكمة ومخالفة القانون ذلك أنّه عجز عن تطبيق النظام الأساسي المنظم للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة كما أنه صادر ضدّه حكم بات بتهمة خرق قانون المنافسة في السوق.

 ثالثا: ندعو المحامين والمحاميات التونسيين/ات أن يقفوا حصنا منيعا لمهنتهم، وأن يعارضوا انضمام عميد المحامين ابراهيم بودربالة إلى اللجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية و الاجتماعية، حيث أنّه طالما أقحم المحاماة في مأزق الانحياز و التملّق لمن في السلطة فبعد أن وقف متظاهرا أمام القطب القضائي الاقتصادي والمالي جنبا إلى جنب ونوّاب كل من كتلة حركة النهضة وقلب تونس دفاعا عن المتهم الفار نبيل القروي، نجده اليوم مدافعا عن مشروع الرئيس والحال أنّه يجب أن يتفرّغ لأداء واجبه كرئيس للهيئة الوطنيّة للمحامين، كما أنّه لو كان يفقه الشؤون الاقتصادية والاجتماعية كما يدعي لما فشل في إدارة صندوق الحيطة والتقاعد للمحامين الّذي يشهد عجزا بملايين الدينارات جعله غير قادر عن ارجاع مصاريف العلاج لمنظوريه.

 رابعا: إنّ لجوء السيّد رئيس الجمهوريّة في كلّ مرّة إلى اصدار مراسيم استثنائيّة حتى يسمح بمخالفة القانون من ذلك إصدار مرسوم بتاريخ 25 ماي 2022 ليستثني مسار الإعداد للاستفتاء من تطبيق أحكام الفصل 113 من القانون عدد 16 لسنة 2014 المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء، يؤكّد تخوّفاتنا الّتي سبق وأعلنها عنها في بيان سابق حين حذرنا من سن النصوص على القياس خاصّة عندما يتعلّق الأمر بالصفقات العموميّة.

 خامسا: سبق للمنظمة أن أشارت مرارا إلى عدم جاهزيّة رئاسة الجمهوريّة والهيئة العليا "المستقلّة" للانتخابات لتنظيم هذا الاستحقاق من جانب الآجال المختصرة، هذا إلى جانب المسار غير التشاركي الذي انتهجه السيّد رئيس الجمهوريّة خدمة لمشروعه الشخصي.

 سادسا: نذكّر بدعوتنا السابقة إلى مقاطعة الاستشارة الوطنيّة الإلكترونيّة الّتي أثبتت فشلها من خلال ضعف المشاركة وافتقارها للطابع التمثيلي من خلال نسب المشاركة الضعيفة للإناث والتلاميذ والمواطنين من الأوساط الريفيّة والمواطنين بالخارج حسب النتائج المنشورة بالتقرير المتعلّق بنتائج الاستشارة المعدّ من الجهات الرسميّة، استشارة لم تمنح حيّزا للمواطنين التونسيين ذوي الإعاقة ولم تدرجهم في جدول أعمالها لا يمكن أن تعكس إرادة الشعب "فإنّ الإرادة تكون عامّة أو لا تكون".

وبناءً عليه، تعلن منظمة أنا يقظ عن استعدادها التام للدخول في تحركات نضالية من أجل حث المواطنين على عدم المشاركة في مهزلة استفتاء الدستور، سعيا منا لتجنيب البلاد، في هذا الظرف الاقتصادي والاجتماعي الصعب، منزلقات خطيرة ستزيد الوضع تعقيداً، وتجسيدا لحقنا في التعبير عن آرائنا وآراء طيف واسع من المواطنين بكل حرية.

وفي الختام، يهم المنظمة أن تؤكد أنها غير معنية بأي استحقاقات انتخابية وأنها لم ولن تنسق مع أي طرف حزبي أو سياسي بخصوص الخطوات التي ستتبعها المنظمة. كما نجدد دعوتنا، مرة أخرى، لأصدقائنا في المجتمع المدني، إلى توضيح موقفهم من الاستفتاء بعيداً عن الشكليات التقنية، والتي نخشى أن تجعل من المجتمع المدني، في هذه اللحظة الفاصلة في تاريخنا، مجرد منفذي مشاريع مسجونين خلف أسوار مؤشرات الأداء والأهداف.