ما يجب أن يقال حول مسلسل "براءة" لسامي الفهري وعن الزواج العرفي


 

مسلسل "براءة" هو أول عمل تلفزي يعجبني لسامي الفهري لأنه طرح مشكلة وجدت في تونس بعد الثورة ولكن بقيت مسكوتا عنها وكأن الحدثيين يريدون اخفاء حقيقة اجتماعية برزت في السنوات الاخيرة وهي الزواج العرفي .الزواج العرفي اعتبره جزءا من الفكر الفكر الارهابي. وقد نجح المسلسل في تصوير المضار الكبيرة لهذه الظاهرة على الاسرة والاستقرار الاجتماعي. العديد من المثقفات انتقدنا هذا العمل لسامي الفهري وربما تقدموا بشكاية للمحكمة لمنع عرضه وهم يتبجحون بانهن مثقفات و ديمقراطيات.

أنا لا ادافع عن سامي الفهري لانه ساهم كثيرا في افساد المجتمع ولكن اعتقد أن دخوله السجن جعله يكتشف عوالم اخرى كانت خافية عنه. الم يحرق الكاتب الروسي الكبير Dostoievski كل أعماله التي كتبها قبل دخوله السجن لانه وجد في السجن أعمق مدرسة اجتماعية حتى يدرك الكاتب اعماق النفس البشرية. وأعتقد جازما بأن سامي الفهري اكتشف الكاتب الروسي وتفهم أعماله بدليل ـن قصة براءة تصور الصراعات النفسية الكبيرة التي يعيشها ابطال قصة "الاخوة كرامزوف "وكان الطفل في المسلسل هو شخصية اليوشا الشاب البريء في قصة الاخوة كرامازوف.

مسلسل "براءة" هو فعلا عمل تلفزي متميز سامي الفهري اظهر بهذا العمل أنه مفكر تونسي يكتب بأدواته الإبداعية العصرية وله الشجاعة الكافية لكي يدخل مباشرة في نقد الفكر الداعشي الذي يعتمد على أسس الخطاب الديني المتمثل في الخطابي القرآني وبذلك يستطيعون السيطرة على عقول الشباب الذين يشعرون انهم يتلقون الخطاب الرباني مباشرة دون وساطة رجال الدين، خدمة للسلاطين والطغاة .

المفكرون التونسيون أمثال يوسف الصديق وألفة يوسف والطالبي، رغم محاولتهم تغيير الفكر الديني السائد إلاّ أنهم لم يستطيعوا أن يتجاوزوا حدود ما كتبه الفقهاء القدماء، حتى وقوفهم من النص القرآني فهو موقف طفولي بريئ يطلب من الله أن يكشف له عن اسرار علمه متناسين ان الله منحهم الفكر.

أما سامي الفهري فوقف صامدا وجعل شخصياته الدرامية تستعمل النص القرآني كذخيرة حية في هذه الحرب (الحوار الحاد بين الزوجتين حول الحجاب). 

وإني اسأل سامي الفهري: هل اعتمد في عنوانه على سورة "براءة " وهي السورة التي يعتمدها أصحاب الفكر الداعشي في خطبهم لما تحويه من عنف ضد الكفار والمشركين؟ وهل الطفل الصغير في هذا المسلسل هو البطارية التي تشحن لخلق الإرهابي المستقبلي؟

هذا العمل جدير بالمشاهدة والنقاش العميق وعلى الديمقراطيين الحداثيين أن يكونوا أكثر ذكاء ورحابة صدر.