الإفلات من العقاب: لدولة التي يغيب فيها القانون يغيب فيها النظام


 
إفلاس الدولة، أي دولة، لا يخيفني، بقدر ما يخيفني عدم تطبيق القانون وتحقيق العدالة. إفلاس الدولة لا يخيفني لأنه عمليا هو طريقة تقنية بحتة للتنصل من التزامات مكبلة عبر رفض الدولة سداد ديونها، بالرغم من أن المال يقع إدارته خارج المنظومة الرسمية... ثم من السهل إعادة الأمور إلى نصابها في صورة توفر إرادة سياسية لإرساء توجهات استراتيجية للاقتصاد الوطني وإرساء تصور سليم لتنمية عادلة، منتجة وقوية...
 
لكن الإفلات من العقاب، التهاون أو تعويم تطبيق القانون، الحصانة ضد التتبعات، خلق مربعات محمية وأخرى غير محمية...هو الخطر الأكبر. فالدولة التي يغيب فيها القانون، يغيب فيها النظام وعندما يغيب النظام يغيب الانضباط وإذا غاب الانضباط تحل الفوضى وإذا ما حلت الفوضى يحل الخراب.
 
القانون في الدولة كالعقد في الرقبة. لا يجب أن تنفرط منه حبة واحدة... إذا تناثرت سيصعب جمعها من جديد. بناء الدول صعب جدا... وهو بناء تطلب القرون من الصقل والتهذيب والتحسين... لكن هدمها، هدم لتاريخ تعبت من أجله أجيال سابقة ومستقبل ستتعب من أجل بناءه أجيال لاحقة... لهذا، نحن لا نهدم الحاضر والماضي فقط بل كذلك المستقبل...
 
لهذا، هل يفكر الفاعلون في الساحة السياسية التونسية في أعمالهم وفي الأخطار التي يمكن أن تترتب عنها والمآلات التي يمكن أن تؤول إليها؟
 
لا أعتقد، فالواقع أخطر مما نتصور... فحذاري من اللعب بالفتن وبالتهاون في تطبيق القانون لأنها ستكون نار موقدة.