عندما أنجبت ابني في التسعينيّات، ما كنت أتصوّر أن تصبح البلاد خرابا يحكمها الانتهازيّون والفاشلون


طلبت إحدى الصّديقات نصحي فيما يخصّ المنظومة الدّراسيّة التي تنوي ترسيم ابنتها بها، والحقّ أنّه لا يمكن لأحد أن يضمن المستقبل.
 
فمثلا، عندما أنجبت ابنتي وابني في التسعينيّات، ما كنت أتصوّر أن تصبح البلاد خرابا يحكمها الانتهازيّون والفاشلون بين إخوان وشعبويّين. أو أن يتم اهلاك التعليم في تونس والضرر بالاجيال القادمة خاصة منذ العشرية الاخيرة.

وأنا عندما رسّمتهم بمنظومة تعليميّة عموميّة شبه مقبولة وقتها، ما كنت أتصوّر أني سأضطرّ إلى ترسيم ابني بمعهد عال خاصّ ليكمل تعليمه ويحاول الفرار بجلده من هذا الجحيم إن شاء الله.

وعندما كنت أجول بهما في بلاد آمنة، ما كنت أتصوّر أن تعود ابنتي ذلك المساء وقد افتكّ هاتفها الجوّال، وأن أنسى الهاتف وأنا أحمد الله على سلامتها في بلد يجول فيه المجرمون و"النّطّارة" بلا حسيب ولا رقيب ولا برنامج في التّصدّي لهم.

واليوم، هناك من يرفض إنجاب أبنائه بتونس خوفا من مستقبل غامض، وهناك من يختار منظومة فرنسيّة أو أنجليزيّة يأسا من عبث تعليميّ تونسيّ (لا أقول منظومة)...لكن، من يدري؟ من يدري كيف سيكون المستقبل؟ لعلّ تونس تغدو أفضل بكثير بعد عشرين سنة، أو لعلّها تبلغ نقطة الدّمار الّذي لا عودة منه.
لا أحد يدري...
 
ألم أقل من البداية إنّه لا يمكن لأحد أن يضمن شيئا في الحياة.
فأخطر أوهام البشر هو وهم التّحكّم.
وكلّه دروس ... وكلّه عابر.