فرج سليمان والثنائي نور وسليم عرجون بمهرجان قرطاج: حكايات الامل والحرية والحب تمتد من تونس إلى فلسطين


في سهرة تلاقحت فيها كل الانماط الموسيقية من "الجاز"، "الروك"، "البوب"، "الافروبيت" و"الالترناتيف"، كنا على موعد ليلة الاربعاء 27 جويلية على ركح المسرح الاثري بقرطاج مع سهرة تونسية فلسطينية، أمنها كل من الاخوين نور وسليم عرجون في الجزء الاول، والفنان الفلسطيني فرج سليمان في الجزء الثاني، سهرة بنغمات "أحلى من برلين"، وجنون الإيقاع والكلمات.                    

وقد وُفقت ادارة المهرجان في هذا الاختيارباعتبار ان موسيقى فرج سليمان والاخوين عرجون تلتقيان في الكتابة  الموسيقية المعاصرة والجمع بين أنماط موسيقية عالمية كالبوب، والجاز، والروك وغيرها، ولا يختلفان الا من حيث اللهجة التي كُتبت بها الاغاني وهي التونسية والفلسطينية، فضلا عن كونها موسيقى بروح جديدة تكسر مع الصورة النمطية للموسيقى التجارية؛ فهي تستهدف الشباب في المقام الاول، وهو ما بدا واضحا في الحضور الكبير للجمور الذي ملأ الكراسي والمدرجات مرددا أغاني فرج سليمان وكذلك الاخوين عرجون.

نور وسليم عرجون شغف وحب لاكتشاف الموسيقى

الاخوين نور وسليم عرجون تمكنا في الجزء الاول من ملأ الركح بالطاقة عبر موسيقاهم التي تأخذك إلى عالم آخر، عبر اللحن، الكلمات التي تمس كن شخص مر بتجربة معينة وخاصة عبر صوت وكاريزما نور عرجون التي بدت واثقة من نفسها ولم تترك للتوتر أن يسيطر عليها، فحضورها، ووقفتها، و"تخميرتها" مع الموسيقى كانت غير عادية... أبهرتني بكلّ صراحة.

قلتها سابقا وأقولها دائما، الموسيقى البديلة (الترناتيف) والمستقلة يجب أن تأخذ حظها أكثر في تونس، بدلا من التسويق لاعمال تجارية مليئة بالتفاهة وثقافة "الفراريزم".

ولا يجمع الثنائي نور وسليم عرجون القرابة الاخوية فقط ولكن ايضا شغفهما بالموسيقى، فمشروعهما، هو بمثابة سنوات عديدة من البحث والاكتشاف على مستوى الكتابة وكذلك على مستوى عالم الفن الموسيقي.

واعتلى الثنائي المسرح مرفوقين بكل من يوسف سلطانة على "Drums"، وشقيقه مروان على "Bass" وحبيب بن عطية وراضي شوالي وبهاء بن فضل على الكمنجة. وقد قدما أغاني باللهجة التونسية، نصوصها شعرية وتعكس عالما موسيقيا ثريا معاصرا ومتعدد الالوان. وقد قدما أغاني باللهجة التونسية، نصوصها شعرية وتعكس عالما موسيقيا ثريا معاصرا ومتعدد الالوان.

استمتعنا وتفاعلنا مع العديد من الاغاني التي اشته بها الثنائي على غرار أغنية "تراب" والتي تم اطلاقها في ماي 2020، وهي من تأليف هيام علوي ووالدتهما ليلى جلال التي كانت حاضرة مع الجمهور. أغنية حفظها الجمهور خصوصا وانها اقترنت بمسلسل "الحرقة 2". وتحمل رسائل ذات ابعاد ودلالات رمزية، هي ان الموسيقى ستظل لغة كونية تكسر الحدود لتجمع بين الاشخاص، لتقرب المسافات.

طفنا في العديد من العوالم والاحاسيس عبر كل الاغاني من بينها "بيبان"، "وايو"، "هيام"، "ليك سنين"، و"علي صار" وغيرها، بين الحب، اللهفة، الانكسار والقوة،  الخسارة، القلق، والفرح والبحث عن الذات..

وبخصوص مشاركتهما السهرة مع الفنان الفلسطيني فرج سليما، أفاد سليأم: "عندمما بلغ الينا خبر احياء سهرة مشتركة مع فرج سليمان، سُعدنا كثيرا لان موسيقى هذا الفنان تشبه موسيقانا كثيرا وحتى الجمهور المستهدف هو نفسه".

فرج سليمان.. جمهور قرطاج بين "أحلى من برلين" و"إسا جاي"

ما إن انتهى العرض الاول، الا وكنا جميعنا مترقبين دخول فرج سليمان، هذه الموهبة الفلسطينية الذي اختار "الجاز"، "الروك"، "التانغو" و"البوب" كنمط موسيقي بلهجته الأم، وأغانٍ عن الحريّة، الحياة، الحب، الهجرة، شوارع حيف... رحلة أخذنا فيها بأنماله الذهبية على البيانو والمزيج الرائع مع بقية الآلالت من ڨيتار، ترومبيت، تشيلو، وdrums.

"تونس هي أكثر الاماكن أمنا للفلسطينيين"، بهذه الجملة اختار الانطلاق معنا، الجمهور، الذي لم يسكت طيلة الحفل، فكنا تارة نغني معه، وتارة نستمتع بعزفه على البيانو، وترى الاصدقاء يكملون عن بعضهم الكلمات في حال نسي أحدهم مقطعا.

السلام والفرح والامل هذه هي الموجات التي تنبثق من أغانيه، والتي أد ى منها "إسّا جاي"، "أسئلة براسي"، "شو بدك بزوجك"، "عرض زواج"، "خلصنا غناني"، "بلا طعمة"، "شارع الجبل"، "قلبي في آخر الليل"... ولكم أردنا أن يطول الوقت لنستمتع أكثر.

والمثير في عرض فرج سليمان أن هذا الفنان اتخذ من أغانيه منحى قصصيا ذا بعد مشهدي يسرد لنا أحداثا وعناوين وأسماء لأشخاص وشوارع وأمكنة، تحمل للمستمع أبعادا رمزية وعلامات عن تفاصيل فلسطينية خالصة، فقد اختار الفنان أن يؤدي جميع أغانيه باللهجة الفلسطينية التي منحته موسيقى تعبّر عن قضايا وطنه وعن القضايا الإنسانية الكونية. كما ألهمته المدن الفلسطينية على غرار حيفا، لينتج المزيد من الأعمال الفنية وينشرها لمزيد التعريف بالقضية الفلسطينية والتعريف بثقافة بلاده ولهجتها المحلية.

كانت ليلة من تلك الليالي، غصنا فيها في عالم الموسيقى بين "الجاز"، "البوب"، "الروك"، "الاندرڨراوند"، "التانغو"... مع مواهب تونسية حقا تستحق التشجيع، وفنان وعازف يكسر مع الطابع النمطي للموسيقى العربية التجارية، هنا يمكننا القول أن الفنّ بخير .

 

تعليق جديد

قابيل الورغمي




مقالات أخرى للكاتب

قابيل الورغمي