حين تساهم جائحة ﻛوروﻧﺎ في بناء ﻧظﺎم عالمي جديد: هل سوف تسيطر الصين على العالم ؟


 
 
ﻧﺳﺗطﯾﻊ اﻵن ﺑﻌد ﺳﻧﺔ وﻧﺻف ﻣن ظﮭور ﻓﯾروس ﻛوروﻧﺎ أن ﻧﻘﯾم ﺗﺄﺛﯾر هذا الفيروس ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم اﻟدوﻟﻲ. فسرعان ما سوف يزول اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟﺻﺣﻲ ﻟﻠﻔﯾروس ﺳرﯾﻌﺎ مثلما كان الحال مع اﻟطﺎﻋون واﻻﻧﻔﻠوﻧزا اﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ وﻏﯾرھﺎ ﻣن الأوﺑﺋﺔ التي سجلها تاريخ البشرية. ﻟﻛن اﻷﺛر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟﺟﯾوﺳﯾﺎﺳﻲ ﺳﺑﻘﻰ ﻟﻌﻘود طوﯾﻠﺔ، إذ نشكل الأوﺑﺋﺔ والأزﻣﺎت ﻋﺑر اﻟﺗﺎرﯾﺦ فرصة لإﻋﺎدة ﺗﻧظﯾم اﻟﻌﺎﻟم ﺳﯾﺎﺳﯾﺎ واﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ. لهذا ﺄطﺎﺣت سابقا بعض الأزﻣﺎت اﻟﺻﺣﯾﺔ ﺑﺎﻷﻧظﻣﺔ اﻟﮭرﻣﺔ مثلما دﻓﻌت أﻧظﻣﺔ ﻓﺗﯾﺔ وواﻋدة إﻟﻰ اﻟﻘﻣﺔ. ﻓﻌﻠﻰ ﻋﻛس اﻟﺣروب اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر ﻓﻲ اﻟوﺿﻊ اﻟﺟﯾواﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣدى اﻟﻘﺻﯾر ﻓﺈنّ اﻻوﺑﺋﺔ ﺗؤﺛر ﺗدرﯾﺟﯾﺎ وحتّى ﻋﻠﻰ اﻟﻣدى اﻟﺑﻌﯾد.
 
على ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل، أﺛّر طﺎﻋون ﺟﺳﺗﻧﯾﺎن ﻋﺎم 541 ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ اﻟﺳﺎﺋد آﻧذاك ﺑﻘطﺑﯾه ﺑﯾزﻧطﺔ وﻓﺎرس، إذ ﺑﻌده ﺄﻗل ﻣن ﻗرن، ﺳﻘطت اﻟدوﻟﺔ اﻟﺳﺎﺳﺎﻧﯾﺔ وﻓﻘدت ﺑﯾزﻧطﺔ ﻣﻌظم أراﺿﯾﮭﺎ ﻋدى اﻟﻘﺳطﻧطﯾﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﯾد اﻟدوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﻔﺗﯾﺔ. كما دام اﻟطﺎﻋون اﻷﺳود الذي ظهر عام 1346، ﺧﻣس ﺳﻧوات وساهم في فناء ﺛﻠث ﺳﻛﺎن أوروﺑﺎ.
 
إضافة إلى ذلك، أدى هذا الوباء إلى إطﻼق ﺣرﻛﺔ اﻧﻌﺗﺎق دﯾﻧﻲ وﻓﻛري وظﮭور اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ وحركة ﺗﻣرد ﻋﻠﻰ ﻧظﺎم اﻹﻗطﺎع وﺳﻠطﺔ اﻟﻛﻧﯾﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﻣﻧﺣت اﻟرﻋﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﯾﺔ ﻟﻠﻧﺑﻼء وﺣرﻣت ﻣﻧﮭﺎ عامة الناس. فيما أدى ظهور اﻻﻧﻔﻠوﻧزا اﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ عام 1918 إلى ھﯾﻣﻧﺔ اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة على العالم، واﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟرﺋﯾس ﺗروﻣﺎن ﻗﻧﺑﻠﺗﯾن ﻧووﯾﺗﯾن ﺿد اﻟﯾﺎﺑﺎن ﻟﯾدﺷن ﻋﺻر اﻟﺗﻔوق اﻷﻣرﯾﻛﻲ وﯾرھب اﻻﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺗﻲ بتفوقه اﻟﻌﺳﻛري، راﻓﻘﮫ ﺗﻔوق دﺑﻠوﻣﺎﺳﻲ وﻣﺎﻟﻲ بعد أن ﺄﺻﺑﺢ اﻟدوﻻر اﻟﻌﻣﻠﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ وﺗﺄﺳس ﺻﻧدوق اﻟﻧﻘد اﻟدوﻟﻲ واﻟﺑﻧك اﻟدوﻟﻲ ﺑواﺷﻧطن وﺗﺧﻠت أوروﺑﺎ ﻋن ﻛﺑرﯾﺎﺋﮭﺎ اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ وأﺻﺑﺣت ﻣﺟرد ﺗﺎﺑﻊ ﻷﻣرﯾﻛﺎ وﻛﺎﻧت اﻟﺣرب اﻟﺑﺎردة ﺑﻘطﺑﯾن واﻧﺗﮭت ﺑﺳﻘوط اﻟﻣﻌﺳﻛر اﻻﺷﺗراﻛﻲ وهيمنت أﻣرﯾﻛﺎ ﻋﻠﻰ العالم.هذه الأمثلة تؤكد إذن أنّ اﻷزﻣﺔ اﻟﺻﺣﯾﺔ ﺣرﻛت ﻋﺟﻠﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺦ وساهمت في تبلور ﻧظﺎم ﻋﺎﻟﻣﻲ ﺟدﯾد واﻟدﺧول ﻓﻲ ﺻراع ﻣﻊ اﻟﻧظﺎم اﻟﻘدﯾم.
 

مصائب قوم عند قوم فوائد: الصين نموذجا

 
وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أن وﺑﺎء ﻛوروﻧﺎ ﻻ ﯾﻘﺎرن ﺑﺎﻻوﺑﺋﺔ اﻟﻣذﻛورة آﻧﻔﺎ ﻣن ﺣﯾث ﻋدد اﻟﺿﺣﺎﯾﺎ إﻻ أنّ له ﺗﺄﺛﯾر اﻗﺗﺻﺎدي واﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ على العالم. فاﻟﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ اﻟﺣﺎﻟﻲ ﯾرﺗﻛز أﺳﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻗﺗﺻﺎد وﺗﻛدﯾس اﻟﺛروات. لقد ساهم هذا اﻟوﺑﺎء ﻓﻲ ﻣﻘﺗل العديد من الناس وﺷﮭد اﻟﻌﺎﻟم ﻓﻲ أﻗل ﻣن ﺷﮭر رﻛود إﻗﺗﺻﺎدي ﻏﯾر ﻣﺳﺑوق، فإنهارت أﺳواق اﻟﻣﺎل واﻟﺑورﺻﺔ.
 
وفي الأثناء، شهدنا ﺗراﺟﻊ أﻣرﯾﻛﺎ وﺻﻌود اﻟﻣﺎرد اﻟﺻﯾﻧﻲ اﻟذي ﺗﻌﺎﻓﻰ ﺳرﯾﻌﺎ ﻣن ﻣﺧﻠﻔﺎت اﻟﺟﺎﺋﺣﺔ خلال الموجة الأولى لكن سرعان ما سجلت الصين موجات أخرها كغيرها من دول العالم. كما ﺑﺎدرت اﻟﺻﯾن بإﻋﺎﻧﺔ بعض اﻟدول ﻓﻲ ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺟﺎﺋﺣﺔ بهدف ﺗﻠﻣﯾﻊ ﺻورﺗﮭﺎ. وﻛﺎﻧت ﻣن أواﺋل ﻣن اﻛﺗﺷف اﻟﻠﻘﺎح وقامت بالترويج له.
 
واﺳﺗﻔﺎدت الصين أيضا ﻣن ﺗراﺟﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﻧﻔط ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺣﺟر اﻟﺻﺣﻲ، وﻋﺟز اﻟدول ﻋن ﺗﺧزﯾﻧﮫ، ﻓﺑﺎدرت ﺑﺈﺷﺗراء ﻛﻣﯾﺎت ھﺎﺋﻠﺔ ﻣﻧﮫ دون أن ﺗدﻓﻊ دوﻻر واﺣدا ﺑل وﺟﻧت أرﺑﺎﺣﺎ طﺎﺋﻠﺔ ﺑﻌد أن وﺻل ﺳﻌر اﻟﺑرﻣﯾل إﻟﻰ ما تحت 49 دوﻻر. ﻛﻣﺎ ﺳﯾطرت ﻋﻠﻰ60٪ ﻣن ﺳوق التجارة اﻹﻟﻛﺗرونيّة بفضل موقع "ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺑﺎ" للتسوّق أونلاين. فمع فرض الحجر الصحيّ بالعالم، إلتجأ الناس إلى إشتراء مقتنياتهم أونلاين.
 
ﻛﻣﺎ ﺳﯾطرت الصينﻋﻠﻰ ﺣرﻛﺔ اﻟﻣﻼﺣﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل ﺑﺳط ﻧﻔوذھﺎ ﻋﻠﻰ ﻣواﻧﺊ ﻓﻲ إﯾران وروﺳﯾﺎ واﻟﮭﻧد وﺟﯾﺑوﺗﻲ واﻟﺧﻠﯾﺞ ﺿﻣن ﻣﺷروع طرﯾق اﻟﺣرﯾر اﻟذي ﯾدرّ ﻋﻠﯾﮭﺎ اﺳﺗﺛﻣﺎرات ﺑﻘﯾﻣﺔ ﺗﻔوق 3 ﺗرﯾﻠﯾون دوﻻر. ﻛﻣﺎ ﺳﯾطرت ﻋﻠﻰ إﻧﺗﺎج وﺗﺻﻧﯾﻊ اﻟرﻗﺎﺋق اﻹﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ المرتبطة بصناعة اﻟﺳﯾﺎرات واﻟﺣواﺳﯾب واﻟﺻوارﯾﺦ. وﯾﻘول اﻟﺧﺑراء ﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد أنّ ﻣن ﯾﺗﺣﻛم ﻓﻲ ﺗﺻﻧﯾﻊ اﻟرﻗﺎﺋق اﻹﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ في هذا القرن، هو ﺑﻣﻧزﻟﺔ ﻣن ﯾﺗﺣﻛم ﻓﻲ إﻣدادات اﻟﻧﻔط ﻓﻲ اﻟﻘرن 20، إذ تهدد ﻟﻠﺻﯾن اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻷﻣرﯾﻛﺎ، لهذا ﺳﻌﻲ الرئيس الأمريكي السابق، دونلاد ﺗراﻣب إلى ﺷراء ﺟزﯾرة ﻏرﯾﻧﻠﻧد ﻣن اﻟدﻧﻣﺎرك ﻹﺣﺗواﺋﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻣﯾﺎت ﻛﺑﯾرة ﻣن اﻟﻣﻌﺎدن اﻟﻧﺎدرة اﻟضرورية ﻟﺻﻧﻊ اﻟرﻗﺎﺋق اﻹﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ. وﻗد ﻗوﺑل ﻣطﻠﺑﮫ ﺑﺎﻟرﻓض، إﻻّ أنّ اﻟﺻﯾن إﺳﺗطﺎﻋت اﻟﻔوز ﺑﺻﻔﻘﺔ ﺗﻧﻘﯾب ﻓﻲ اﻟﺟزﯾرة طرﯾق ﺷرﻛﺔ ﺗﻧﻘﯾب اﺳﺗراﻟﯾﺔ ﺗﻣﺗﻠك ﺷرﻛﺔ SHENGHE RESOURCES HOLDING اﻟﺻﯾﻧﯾﺔ ﻧﺻﯾب اﻷﺳد ﻣن أسهمها. وھو ﻣﺎدﻓﻊ ﺗراﻣب إلى دﻋوة دول اﻟﻌﺎﻟم إلى ﺗطﺑﯾق "ﻓﻛرة اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺔ " لمواجهة ما أطلق عليه "اﻷﻧظﻣﺔ اﻻﺳﺗﺑدادﯾﺔ اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺔ". وﻔرض ترامب ﻋﻘوﺑﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺷرﻛﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﺷرﻛﺎت اﻟﺻﯾﻧﯾﺔ. لهذا ﻧﺻﺢ ﻛﺑﺎر اﻟﺧﺑراء ﻓﻲ أﻣرﯾﻛﺎ اﻟرﺋﯾس الحالي ﺑﺎﯾدن ﺑﺈﻋﺎدة إﻧﺿﻣﺎم واﺷﻧطن إﻟﻰ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻣﻊ اﻟﺻﯾن، اﻟﺗﻲ إﻧﺳﺣب ﻣﻧﮭﺎ ﺗراﻣب ﺳﺎﺑﻘﺎ.
 
ﻛﻣﺎ أﺻﺑﺣت اﻟﺻﯾن أﻛﺑر ﻣﻧﺗﺞ ﻟﻠﺳﯾﺎرات وأﻛﺑر ﻣﺻدر ﻟﻠﻣﻧﺳوﺟﺎت، وﯾﺗوﻗﻊ الخبراء أنّ يحتاج اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻷﻣرﯾﻛﻲ ﻟﺳﻧوات ﻟﻠﺗﻌﺎﻓﻲ ﻣن آﺛﺎر اﻟﺟﺎﺋﺣﺔ.
 
 
من جهة أخرى، أدرﻛت اﻟﺻﯾن أن اﻟﺗﻔوق اﻹﻗﺗﺻﺎدي يحتاج إلى ﺗﻔوق ﻋﺳﻛري ﻟﯾﺣﻣﯾﮫ، لهذا حاولت اﻹﺑﺗﻌﺎد ﻋن اﻟﺻراﻋﺎت وﺗرﻛت أﻣرﯾﻛﺎ ﻣﺳﺗﻧزﻓﺔ وﻏﺎرﻗﺔ ﻓﻲ ﻣﺳﺗﻧﻘﻊ اﻟﻌراق وأﻓﻐﺎﻧﺳﺗﺎن، واﻧﺷﻐﻠت ﺑﺑﻧﺎء ﺟﯾﺷﮭﺎ وطورت أﻧظﻣﺔ ﺻﺎروﺧﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﮭﺎ وﺻﻧﻌت ﺛﻼث ﺣﺎﻣﻼت طﺎﺋرات ﻟﺗﻌزﯾز ﻗوﺗﮭﺎ اﻟﺑﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟطﺎﻟﻣﺎ ﻣﺛﻠت ﻧﻘطﺔ ﺿﻌﻔﮭﺎ. واﺳﺗﻔﺎدت ﻣن ﺗﻘدﻣﮭﺎ اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﻲ ﻟﺻﻧﺎﻋﺔ أﻧظﻣﺔ رادار وﻣﻘﺎﺗﻼت دون طﯾﺎر.
 
أﻣﺎ ﺳﯾﺎﺳﯾﺎ، ﻓﻘد ﺑدأ دور أﻣرﯾﻛﺎ ﺑﺎﻹﻧهيار، وھذا ﻣﺎ نلاحظه ﺑﻌد انسحابها ﻣن أﻓﻐﺎﻧﺳﺗﺎن وﻋودة طﺎﻟﺑﺎن ﺑﻌد ﻋﺷرﯾن ﺳﻧﺔ ﻣن اﻻﺣﺗﻼل وﻣﺎراﻓﻘﮫ ﻣن ﺧﺳﺎﺋر أﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻓﻲ اﻷرواح. وﻟم ﺗﺟﻠب أﻣرﯾﻛﺎ اﻟﺳﻠم واﻟرﺧﺎء لأفغانستان مثلما وﻋد ﺑوش سابقا. وﻣﺎ إﻋﺗراف ﺑﺎﯾدن ﺑﺄن اﻧﺳﺣﺎب القوات العسكرية الأمريكية ھو أﻛﺑر إھﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ أﻣرﯾﻛﺎ اﻟﻌﺳﻛري وﺑﺄن طﺎﻟﺑﺎن ﻗد ﺳﯾطرت ﻋﻠﻰ أﺳﻠﺣﺔ ﻻ ﺗﻘدر ﺑﺛﻣن، إلاّ دليلا ﻋﻠﻰ ﺗرﻧّﺢ دور أﻣرﯾﻛﺎ. وﻧﻔس اﻟﺳﯾﻧﺎرﯾو سجلناه ﻓﻲ اﻟﻌراق، إذ لم تحقق أﻣرﯾﻛﺎ ﻟﻠﺷﻌب اﻟﻌراﻗﻲ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ الموعودة، ﺑل رأﯾﻧﺎ أﺳواق اﻟﻧﺧﺎﺳﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﺻﻣﺔ اﻟرﺷﯾد وﺷﺎھدﻧﺎ ﻓظﺎﻋﺎت ﺳﺟن أﺑو ﻏرﯾب. وﺳﯾطرت إﯾران ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﮭد اﻟﻌراﻗﻲ ﻓﻲ ﺗﺣد واﺿﺢ ﻷﻣرﯾﻛﺎ.
 
وﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى وﺑﻌد ﻋﻘود ﻣن ﺳﯾطرة أﻣرﯾﻛﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻠطﺔ اﻟﻘرار ﻟدى ﻣﻧﺗﺟﻲ اﻟﻧﻔط، طﻠب ﺑﺎﯾدن ﺧﻼل ھذا اﻻﺳﺑوع ﻣن أوﺑك+ اﻟﺗرﻓﯾﻊ ﻓﻲ إﻧﺗﺎج اﻟﻧﻔط ﻟﺧﻔض اﻷﺳﻌﺎر وﻣﻘﺎوﻣﺔ إرﺗﻔﺎع ﻧﺳﺑﺔ اﻟﺗﺿﺧم. و ﻟﻛن ﻣطﻠﺑﮫ ﻗوﺑل ﺑﺎﻟرﻓض ﻣن دول أوﺑك+ ﻓﻲ ﺧطوة ﺟدﯾدة ﻟﺗﺣد اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء ﻟﮭﯾﻣﻧﺔ أﻣرﯾﻛﺎ ﻋﻠﻰ أﺳواق اﻟﻧﻔط واﻟﻐﺎز.
 

نحو نظام عالميّ جديد

 
ﻧﺣن اﻵن، ﻧﺷﮭد ﺗدرﯾﺟﯾﺎ ﺗﻐﯾر اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ اﻟذي ﻟم ﯾﻛن رﺣﯾﻣﺎ لا بالإنسان وﻻ ﺑﺎﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺗﻲ اﺳﺗﻧزﻓﮭﺎ وأﻧﻔق ﺗرﯾﻠﯾوﻧﺎت اﻟدوﻻرات ﻟﺑﻧﺎء ﺗرﺳﺎﻧﺎت ﻧووﯾﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﻣﺣو اﻟﻛوﻛب.
 
إن اﻟﻧظﺎم اﻟدوﻟﻲ اﻟﻘﺎدم ﺳﯾﻛون ذو ﻗطﺑﯾﺔ ﻣرﻧﺔ ﺑﻘطﺑﯾﮫ اﻟﺻﯾن وأﻣرﯾﻛﺎ وﻟن ﯾﻛون ﺑﺻراﻣﺔ اﻟﻘطﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺎدت زﻣن اﻟﺣرب اﻟﺑﺎردة وﻻ زﻣن ﻗطﺑﯾﺔ اﻟروم واﻟﻔرس وﻻ ﻗطﺑﯾﺔ اﻟﻘوى اﻹﺳﺗﻌﻣﺎرﯾﺔ اﻟﺑرﯾطﺎﻧﯾﺔ واﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ واﻟﺑرﺗﻐﺎﻟﯾﺔ واﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ. ﻓﮭذا اﻟﻧظﺎم ﺳﯾﻛون ﻣرﻧﺎ وﺳوف ﺗﺳﺗﻐل أطراف أﺧرى ﻣﺛل روﺳﯾﺎ و إﯾران واﻟﮭﻧد وﺗرﻛﯾﺎ إﻧﺷﻐﺎل اﻟﺻﯾن وأﻣرﯾﻛﺎ ﺑﺎﻟﺗﻧﺎﻓس اﻹﻗﺗﺻﺎدي و اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﻲ وﺳﺑﺎق اﻟﺗﺳﻠﺢ ﻟﻠﺻﻌود وﺗﻌزﯾز ﻧﻔوذھﺎ إﻗﻠﯾﻣﯾﺎ ودوﻟﯾّﺎ. وھذا ﻣﺎ ﺑدأﻧﺎ ﻧﻼﺣظﮫ ﻣن ﺧﻼل ﺗﻐﻠﻐل ﺗرﻛﯾﺎ وروﺳﯾﺎ وإﯾران ﻓﻲ ﻟﯾﺑﯾﺎ واﻟﻌراق وﺳورﯾﺎ وﺷرق اﻟﺑﺣر اﻟﻣﺗوﺳط وﻧﺎﻏورﻧﻲ ﻛﺎراﺑﺎخ وﻓﻲ دول اﻟﻘرن اﻹﻓرﯾﻘﻲ.

تعليق جديد