قصة واقعية من حياتي: قتل المسرح في تونس بهدوء وتحولنا إلى مستهلكين للشاشات الصغيرة


 

بين عام 2006 و 2010 كنت مغرما حد المرض بالثقافة. كنت من روادي المعهد العالي للفن المسرحى. وكان يوجد مقهى بدار المربي في محطة باب عسل أين يلتقي محبي الفن والمسرح. وهناك حضرت مئات المسرحيات في تونس والجهات. ورغم أنّ ظروفي كانت بسيطة،إلا أني كنت أقضي الليل حيث ما شاء بعد مشاهدة مسرحية ما. ولهذا حين يعترض سبيل مشاهير اليوم، تراهم يقولونا لي "لا أعرف أين التقينا سابقا".  وقد كانوا أصدقائي بالأمس.

ذهبت إلى قفصة والكاف وتطاوين وتعرفت على المسرح التونسي من الأعماق، وهو مسرح ثري وقوى على مستوى النص والإخراج وآداء الممثلين. ورغم أنّ السلطة كانت قوية في ذلك الزمن إلا أنه كانت توجد مسرحيات قوية وكل نص قادر على تغيير مجرى حياتك.

وأتذكر أنّ مسرحية "جنون" ومشاهدتي لمحمد علي بن جمعة وجليلة بكار وغيرهما، قد غيرا أساسا مجرى حياتي وأعطاني شحنة كبيرة حتّى أفكر وأكون مستقلا وأقاوم الخوف اللي كنت أعيش فيه. ولكن للأسف اليوم، قتل المسرح في تونس بهدوء وتحولنا إلى مستهلكين للشاشات الصغيرة.

ونحن نشهد في نفس الوقت وفاة مئات المسرحين تحسرا على الوضع أو بسبب غياب الجمهور. وما نشاهده اليوم من دراما هي نتيجة للتصحر الثقافي الذي نحن بصدد دعمه منذ سنوات في ظلّ غياب أي دعم لأي مبادرات مسرحية أو سينمائية أو فنية عموما. وللأسف، نحن نؤسس لجيل جاهل عن وعي وطواعية. وأحيانا حين أستيقظ صباحا أتمنى حضور مسرحية أو عرض فرجوي، أتذكر أني في تونس وأحاول أن أشاهد ماهو سائد حتّى لا تقتلني الحسرة.

تعليق جديد

العيادي سليم




العيادي سليم