حول اللجنة الموسعة التي ستساهم في تغذية الحوار


ملاحظة أستهلّ بها سلسلة من المسائل ظلّت غامضة بالنسبة إليّ، أتحدّث اليوم عن اللجنة الموسعة التي ستساهم في تغذية الحوار في اللجنة الاستشارية، لماذا ابدأ بها؟ لأنّ مراسلات كثيرة وصلتني تعبّر عن حيرة لغياب جواب واضح، فهذا ما سأتحدث عنه هنا، وهذا ما سأقوله.

في الواقع، دعونا نتفق بدءا على أنّ هذه المبادرة ليست من رئيس الجمهورية، بل من طرف اللجنة الاستشارية التي تمّ تعيينها بالمرسوم عدد 30 فقط، وهي تتضمّن أسماء اختارها أعضاء هذه اللجنة ويندرج اختيارهم ضمن الفصل 7 من الباب 3: " على الجنة أن تدعو من تراه مناسبا للمشاركة في أعمالها بعد موافقة الرئيس المنسّق". وهذا يفيد أنّ عملها تطوّعي وإسهام برأي قد يؤخذ بعين الاعتبار وقد يرمى في سلّة الاقتراحات. ونتيجة لذلك فكلّ نقد موجّه إلى الرئيس قد أخطأ مساره، وذلك لأنّ الرئيس قد أناب المنسّق العامّ في التسيير الداخلي لعمل اللجنة. وكل نقد يجب أن يتلقاه المنسّق العام، بما في ذلك الخطأ في اسم راضية الجريبي.

أما بعد، فــما لاحظته في تركيبة المضاف على الرائد الرسمي، أنّ اللجنة الرسمية مركبة من ممثلي المنظمات الوطنية الخمسة. بما معناه كلّ إضافة هي اجتهاد من المنسق العام, هو بمثابة النافلة وعليه التوقف عن لوم من اعتذر، ولنترفّع عن تأنيب من رضي.

أمّا التركيبة الموسّعة فقد أضيفت فيها أحزاب؛ وما أقلقني هو دعوة أحزاب ذات لون قومي، طبعا إذا أقصينا آفاق والمسار وتونس إلى الأمام؛ أي 3 أحزاب من 6، وهذا يدفع إلى التساؤل عن الاتجاه السياسي الذي يرغب في رسمه السيد المنسّق العامّ. قد يجيبني بأنّ بقية الأحزاب ترفض المشاركة ولكن الإجابة كانت سريعة من طرف حزبي آفاق والمسار.

 نأتي الآن إلى قائمة المدعوين تحت عنوان شخصيات وطنية، فقد أضاف السيد العميد صفة أخرى لهؤلاء في حواره التلفزي، فقد نعتهم "بالمفكّرين" وأنت خير العارفين سيدي بلعيد كم هي عزيزة المنال هذه اللفظة ويندر إلحاقها بشخص وعندما تلحقها بأسماء نكرة أشعر بالقرف لأنّ الموقف متأتّ منك أنت ولذا رجاء، اترك المفكّرين في ألغامهم غارقين واعترفْ أنّك لم تستنجد بمفكّرين.

أعود إلى القائمة لأقول أنّ عدد هؤلاء 30 ، منهم من أعلنوا عنهم ومنهم من أعلن هو عن دعوته مثل نجيب الدزيري، فمعظمهم تمّت دعوتهم لأجل قبعة حزبية أو جمعياتية يحملونها ولكم أن تهتدوا إليهم في يسر.

ولكن بعد ان عثرت على أسماء نواب من المجلس الذي جمّد وانحلّ ، اثار ذلك فيّ أسئلة؛ فهل دعوتهم هي في سبيل تبييضهم وإخراجهم من سرب التهم؟ حتى وإن أعلن البعض رفضهم الحضور؟ ثمّ ما هي الإضافة التي نرتجيها من أشخاص كنت أنا شخصيا أجهل أنّهم كانوا نوابا، مثل السيد محمد انور العذار عن آفاق تونس.

وأمُر الآن إلى السيد عماد الهمامي، شخصيا بحثت عنه وبحثت، فلم أعثر سوى على عماد الحمامي "الخوانجي" التقني الذي تحصّل على شهادة عليا من الزيتونة عندما كان وزيرا، ولعلّ الراسخ في ذهني وذهن الكثيرين، رغم انقلابه على شيخه، وفي هذه المسألة لا أصدّقه ولا أصدّق منهجه في سلخ جلدته، الراسخ في ذهني حقده وتشفيه من كل معارض فإن كان المقصود بالحمامي، فيا موت زر، وأعتقد أنّني لست الوحيدة التي تطالب بالتوضيح يا سيدي المنسق العام. وإن كان شخصا آخر فنرجو جميعا أن تفيدنا بخصال رجل نجهل هويته إلى يومنا هذا حتى ننصبه شخصية وطنية أو ندرجه في قائمة " المفكرين".

فــما أقلقني ايضا، هو تكديس شخصيات في اختصاص واحد، والحال أنّ اللجنة محكومة بضيق الوقت وهذا يقودني إلى الملاحظة الأخيرة: عدد المدعوين كبير، ويمكن أن يمثّلوا فصلا مكتضّا بالنسبة إلى الأستاذ ... فهل من جدوى لهذا الحضور الآن، وفي هذا التوقيت بالذات ، خصوصا وأنكم تلعبون في "الوقت الضايع" ثم هل سيدلي كلّ مدعو بموقفه؟ ومتى سيتحاورون وسيهتدون إلى اختيار النقاط الأساسية؟ وهل سيدعون إلى جلسات قادمة؟ لكن حذار، لا ننسى أن يوم 20 جوان هو اقصى تاريخ  لتقديم النسخة النهائية؛ والتي يجب ان تكون نظيفة بالصياغة الواضحة والدقيقة، فتضمنوا الآجال القانونية للاستفتاء.

لهذه الأسباب ليست لي الشجاعة حتى أتحامل على من رأى حضوره مسألة شكلية، لأنّها فعلا مسألة شكلية، والغرض منها تهدئة النفوس فيما يظنون، ولكنني أخشى ما أخشاه أنّنا لم نغادر السقيفة، وإنّما تغيّرت الوجوه فقط. لعلّ ما يقلقني وأنا أحلّل هو تلك الجملة في الفصل 2 من الباب الأوّل من المرسوم: "تتولى الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة وبطلب من رئيس الجمهورية تقديم اقتراح يتعلّق بإعداد مشروع دستور لجمهورية جديدة".

فيا خَوفي أن تكون القصة ومثلما يقول المَثَل الشعبي التونسي "عيطة وشهود على ذبيحة قنفود"، فالتوضيح واجب حتى تطمئنّ قلوبنا، وكفانا كم لُدِغنا.

وإلى اللقاء في النقطة القادمة...

 

تعليق جديد

نائلة سليني




نائلة سليني