ماذا بعد الدستور !


سوف يمر الدستور الجديد وسوف يتبعه نظام انتخابي جديد وسوف يتغير المشهد بعمق، ولكن السؤال الكبير هو ماذا بعد الدستور ؟ ماذا في هذه الجمهورية الجديدة !

فالدستور ما هو إلا موازنة بين مطالب الحرية ومتطلبات النظام، واعتقادي ان الموازنة هذه سوف لن تتحقق بسرعة. لقد اردناها ان تكون افضل مما هو مقترح، وأعطينا رأينا، تغير جزء هام في نفس الاتجاه، لكن...
وفي الحقيقة، كان لنا فائض من الحرية واخاف ان يكون أمامنا فائض من النظام فللنصوص دور في الحياة السياسية دون شك لكن ليس الدور الاكبر، و الحياة السياسية اكثر تشعبا و تعقيدا من الاطر القانونية التي ترسم لها.

سوف آخذ مثال المعارضة، فللمعارضة القادمة دور أساسي لا يقل عن دور السلطة الحاكمة، وهو دور لم تلعبه للأسف في العهود السابقة ولا في العشرية الاخيرة.
يعرف أخصائيو العلوم السياسية ان هناك اصنافا للمعارضات وتصنيفات معروفة ومعارضات" حسنة " ان صح التعبير و معارضات " سيئة "، ومن هذه الأصناف معارضات تقود النظام إلى التصلب، ومعارضات أخرى تقود النظام إلى اللين وتساعد على قيام اللعبة التنافسية أو بقائها.

ففي عهد بورقيبة وعهد بن علي، عشنا معارضات قادت إلى التصلب، وفي المقابل لم تنجح السلطة في ذلك العهد في استيعاب المعارضة وجعلها طرفا مشاركا في التنافس ومحافظا على التوازنات.
وانا الان أفكر دون شك في السلطة كيف ستكون، وفي نفس الوقت افكر في المعارضة أيضا، كيف سوف تكون او كيف يجب ان تكون في ضوء المناخ الجديد.
المعارضة مثل السلطة - و ربما قبل السلطة - هي أساس الديمقراطية  ومن يريد تركيز الديمقراطية عليه ان يعتني بهذه وبتلك.
 
للمعارضة أسس ضرورية نجدها في الديمقراطيات الحقيقية و هي لم تتوفر بعد في اغلب معارضاتنا:
 
اولا يجب أن تكون المعارضة وطنية لا تجرها أيادي خارجية و تدعمها أموال وقنوات إعلام اجنبية.
ثانيا يجب أن تتمحور المعارضة حول البرامج والإصلاحات والمسائل الحياتية و تبتعد عن الهويات والعقائديات والايديولوجيات.
ثالثا يجب أن تكون المعارضة دون هتك للاعراض وسب وشتم واول إجراء يجب اتخاذه هو وقف النقل المباشر لجلسات مجلس النواب والان بالخصوص مجلس الجهات.

فهل هذا ممكن ؟ هل سوف تلعب السلطة دورها لتكون المعارضة هكذا ؟ وهل سوف تساعد المعارضة على ان تكون السلطة متقبّلة متجاوبة ؟ 
من جهة اخرى، ما زالت المعارضات القائمة على العقائديات وعلى الشعبويات هي التي تستهوي الانصار، والمعارضات القائمة على البرامج والبدائل والأرقام لا إقبال عليها.
ربما هذا سوف يتغير ... ويجب ان يتغير، نحتاج إلى صوت العقل اذا أردنا لتونس مستقبلا حقيقيا.
 
 
 
 
 

تعليق جديد

الصادق شعبان




الصادق شعبان