ماذا لو اخرنا الاستفتاء بأسابيع و حسّنّا النص؟


قد يستغرب البعض من هذه الملاحظة، قد يغضب اخرون وقد يستهز بعض اخر، ولكني براغماتيكي اؤمن بالجدوى وأحب بلدي ولا أريد السكوت اذا كان في السكوت مضرة وأقترح ما أراه ولو كانت حظوظ التطبيق ضعيفة وبقينا على عنادنا كل في موقعه فلن نخرج من النفق بسرعة.

وحتى لو حصل الاستفتاء في موعده وصوتت الأغلبية بنعم، فإن نسبة المشاركة سوف تكون ضعيفة والمشروعية مهتزة ... فهذا يعني أن الاحتجاج سوف يقوى وسوف يتصلب النظام، نعم سوف يتصلب النظام لانه يصبح مضطرا لاستعمال القوة لا قوة الإقناع ... فما يدفع العاقل لهذا ؟

فأنا أطلب بكل لطف من رئيس الجمهورية أن يؤخر الاستفتاء لأسابيع، وأن يجتمع إلى رئيس اللجنة ويستمع إلى كل الحساسيات السياسية الكبرى وإلى المنظمات الوطنية، ومن يراه من المتخصصين، ويضع نصا لتونس يحقق لها مستقبلا آمنا و مزدهرا ... وبهذا تكون سيدي قد وضعت اسمك في الصفحات الجميلة للتاريخ، عدل ما يجب تعديله ... فالسياسة خدمة الناس وإدراة المتناقضات.
 
أقدّم نصائحي بكل مودة:
 
- ركز التوطئة على الخصوصية التونسية و على مراحل الجهاد لبناء الدولة الوطنية و تحرير المجتمع من الجهل و الفقر و على تمسك التونسيين بالحرية و على العزم بتنظيم السلطات بما يضمن الوحدة و الاستقرار و الازدهار و على دخول تونس للمستقبل بسياسات رائدة.
 
- اعلن عاليا ان هويتنا تونسية تونسية و ان شخصيتنا متميزة نحن امة بذاتنا لسنا أجزاء من أمم اخرى و قد نادت بهذا حركة الإصلاح و نفذته الحركة الوطنية.
 
- ركز تنظيم الدولة على النمط الرئاسي الحقيقي القائم على تفريق السلطات و توازنها ، برلمان من غرفة واحدة منتخب مباشرة له دور بارز يراقب الحكومة و يعزل رئيس الجمهورية اذا اخل اخلالا جسيما بالدستور.
 
- ابتعد عن البناء القاعدي و الانتخاب التصاعدي و سحب الوكالة فهذا كله تفكير طوباوي ينقلب إلى كوارث تنظيمية.
 
- ابقي على الفصل الأول السابق من الدستور ( تونس ... الاسلام دينها ) فهذا الفصل هو عصارة اجتهاد قديم و توازنات ترسخت و اشر إلى مدنية الدولة اذا كان ضروريا فالناس تحتاج إلى طمأنة في الداخل و الخارج .
 
- تخلّى عن المجالس المنتخبة في الولايات و الاقاليم فهي انعاش للعروشية و ضرب للوحدة الوطنية و فتح شهية دون إطعام و تعطيل الولاة و الادارات الجهوية عموما و فوضى ترابي.
 
- اتبع نموذج الانظمة الديمقراطية في تنظيم العدالة ، و ميّز بين النيابة و القضاة الجالسين ، فالعدالة هي البناء الأساسي للدولة و للمجتمع.
 
- اعتبر انك تضع دستورا ليس لليوم فقط انما لعقود و لرؤساء آخرين و لأحزاب متنوعة و اعتبر ان الاغلبيات تتغير و من هو اليوم في الحكم غدا يكون في المعارضة و لا تخطئ كما أخطأ من وضع دستور 2014 حين قسم السلطة على اساس اغلبيات ذلك الوقت.
 
- اعتبر ان الدستور نص حي يحتاج دائما الى التطوير فلا تجحف في شروط تعديل الدستور و افتح المجال للاستفتاء.
 
أعرف أن الرجوع صعب، لكنه الطريق الأفضل على المدى المتوسط واذا عدلت المشروع يزداد الإقبال على الاستفتاء بصورة غير منتظرة.
فتونس تكسب مرة، اذا تخلصت من منظومة 2014، ولكن تكسب مرتين لو وضعت دستورا مقبولا مستداما يحقق الشعار "حرية نظام عدالة ".
يوم تعود الطيور التي هاجرت والكفاأت التي تصنع المستقبل، ويصبح المناخ في تونس جذابا اقتصاديا وثقافيا وسياسيا، فعندها ننام وقد ادينا جزأ من واجبنا تجاه هذا الوطن العزيز.
 

تعليق جديد

الصادق شعبان




الصادق شعبان